كيف يؤثر الصيام على مرضى غسيل الكلى: نصائح لتعديل الوجبات وإدارة الصحة

 

يُعد الصيام ممارسة شائعة لأسباب متعددة، منها الدينية والروحية والصحية. وفي العديد من الثقافات، وخصوصًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، يحظى الصيام خلال شهر رمضان بأهمية كبيرة كونه وقتًا للتأمل الروحي، وتعزيز الروابط الاجتماعية، وتقوية العلاقة مع الله. ورغم أن الصيام واجب على كل مسلم بالغ عاقل، فإن الشريعة الإسلامية تعفي المرضى من الصيام إذا كان يسبب لهم ضررًا أو يفاقم حالتهم الصحية.

 

بالنسبة لمرضى الكلى المزمنة، وخصوصًا الذين يخضعون لغسيل الكلى، يفرض الصيام تحديات خاصة تتطلب إدارة دقيقة للوجبات وتوازن المغذيات. ورغم هذه الصعوبات، يرغب كثير من مرضى الغسيل في الصيام خلال رمضان لمشاركة أحبائهم وللاستمتاع بأجواء هذا الشهر المبارك. ومع ذلك، فإن الصيام قد يؤثر على مستويات الترطيب، توازن الأملاح، والتخلص من الفضلات — وهي وظائف تقوم بها الكلى عادة.

 

تهدف هذه المقالة إلى استعراض تأثير الصيام على مرضى غسيل الكلى، وتقديم استراتيجيات لتعديل الوجبات، مع نصائح لإدارة الصحة خلال فترات الصيام، بما يتماشى مع روح الشهر الفضيل.

 

فهم غسيل الكلى ودوره

 

غسيل الكلى هو علاج طبي يحاكي وظيفة الكلى في تنقية الدم من الفضلات والسوائل الزائدة. هناك نوعان رئيسيان:

 

  • غسيل الكلى الدموي (Hemodialysis): حيث يُنقّى الدم خارج الجسم عبر جهاز مخصص.
  • الغسيل البريتوني (Peritoneal Dialysis): حيث يُستخدم سائل خاص يمتص الفضلات عبر الغشاء البريتوني في البطن.

 

غالبًا ما يحتاج المرضى لغسيل الكلى نتيجة تدهور وظائف الكلى بسبب أمراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم أو التهابات الكلى. هؤلاء المرضى يتبعون أنظمة غذائية صارمة للحفاظ على توازن السوائل والأملاح، وهو ما يجعل الصيام أكثر تعقيدًا بالنسبة لهم.

 

تأثير الصيام على مرضى غسيل الكلى

 

1. اختلال توازن السوائل

 

الصيام قد يؤدي إلى الجفاف لعدم شرب الماء لساعات طويلة، مما يسبب دوخة، انخفاض ضغط الدم، أو حتى مضاعفات خطيرة. وبما أن الكلى لا تستطيع التخلص من السوائل الزائدة، يصبح الحفاظ على توازن السوائل تحديًا أكبر أثناء الصيام.

 

2.اضطرابات الأملاح (الإلكتروليتات)

 

يجب على مرضى غسيل الكلى مراقبة مستويات البوتاسيوم، الصوديوم، والفوسفور. خلال رمضان قد يتناول البعض تمرًا أو موزًا في الإفطار أو السحور، ما يزيد خطر فرط البوتاسيوم الذي قد يسبب مشاكل قلبية خطيرة.

 

3. نقص المغذيات

 

فترات الصيام الطويلة قد تؤدي إلى تكسير العضلات للحصول على الطاقة، وزيادة تراكم السموم مثل اليوريا والكرياتينين. كما قد يحدث انخفاض أو ارتفاع في سكر الدم، خصوصًا عند مرضى السكري.

 

تأثير على الأيض (التمثيل الغذائي)

 

فترات الصيام الطويلة قد تؤدي إلى تكسير العضلات للحصول على الطاقة، وزيادة تراكم السموم مثل اليوريا والكرياتينين. كما قد يحدث انخفاض أو ارتفاع في سكر الدم، خصوصًا عند مرضى السكري.

 

نصائح لتعديل الوجبات وإدارة الصحة أثناء الصيام

 

  1. استشارة الأطباء: يجب استشارة طبيب الكلى وأخصائي التغذية قبل الصيام لتصميم خطة غذائية مناسبة.
  2. التركيز على وجبات متوازنة وغنية بالعناصر الغذائية: الإكثار من البروتين عالي الجودة (اللحوم الخالية من الدهون، السمك، البيض)، وتناول الخضار والحبوب باعتدال مع تجنب الأطعمة عالية البوتاسيوم والفوسفور.
  3. استراتيجيات الترطيب: شرب كميات معتدلة من الماء موزعة بين الإفطار والسحور لتجنب الجفاف.
  4. مراقبة سكر وضغط الدم: خاصةً لمرضى السكري أو من يتناولون أدوية تؤثر على الضغط أو السكر.
  5. استخدام المكملات عند الحاجة: مثل فيتامين D، الكالسيوم، الحديد أو البروتين، بعد استشارة الطبيب.
  6. الإنصات للجسم: إذا ظهرت أعراض مثل التعب الشديد أو الدوخة، يجب مراجعة الطبيب وقد يلزم الإفطار حفاظًا على الصحة.

 

الخلاصة

 

الصيام يمثل تحديًا لمرضى غسيل الكلى، إذ قد يسبب الجفاف، اختلال الأملاح، نقص المغذيات، واضطراب الأيض. لكن مع التخطيط السليم، والمتابعة الطبية، وتناول وجبات متوازنة، يمكن لبعض المرضى الصيام بأمان نسبيًا. الأهم هو أن تكون الأولوية دومًا للحفاظ على الصحة، مع الالتزام بتعاليم الدين التي تتيح الرخصة الشرعية للمرضى بعدم الصيام عند وجود ضرر.

 

المراجع:

 

  • المؤسسة الوطنية للكلى (NKF): www.kidney.org
  • صندوق الكلى الأمريكي (AKF): www.kidneyfund.org
  • مجلة الجمعية الأمريكية لأمراض الكلى السريرية (CJASN): https://cjasn.asnjournals.org/
  • دليل التغذية في أمراض الكلى وغسيل الكلى – مراجع أكاديمية.
  • مجلة التغذية الكلوية (Journal of Renal Nutrition): Elsevier Link
  • الجمعية الدولية للتغذية الكلوية والتمثيل الغذائي (ISRNM): www.renalnutrition.org
  • منظمة الصحة العالمية (WHO): www.who.int

 

   بقلم :أخصائية التغذية حفصة جميل صالح

Scroll to Top